اطعمه للقدرة الذهنيه

موسـم العودة إلى المدارس يبدو وقتا جيــدا للتفكير في تعزيز القدرة الذهنية لدى أطفالك، ناهيك عن القدرة الذهنية لـديـك أنت.
ولكـن هذا العام، بدلا من البطاقات التعليمية وتمارين عمليات الضرب الحسابية، فإنك قد ترغب في التركيز على النظــام الغذائي لأسرتــك.
يقـول ماجــد فتوحي، رئيس معهد علم الأعصاب لصحة ولياقة الدماغ في مدينة بالتيمور:”الغــذاء يستطيع أن يؤثر على الدمــاغ في دقائق، فأنت لا تحتاج إلى دليل علمي لتعلم أنك إذا تناولت كعكة محــلاة بالسكر، فإنك سوف تشعر بعد فترة
- ربما تكون دقائق أو ساعة – بأنك متعب ومستنزف بسبب الارتفاع الحاد في نسبة السكر في الدم، كما أنك تعلم بالطبع أنك عندما تكون جائعا، فإنك تمر بحالة مزاجية سيئة ولا تستطيع في العادة اتخاذ قرارات سليمة”.
الغــذاء والدمــاغ
وتقــول ميغــان بارنا، أخصائية تغذية الأطفال بالعيادات الخارجية في المركز الطبي الوطني للأطفال،” إن عادات الأطفال الغذائية من الممكن أن تؤثر على مستوى الطــاقة لديهم وحالتهم المزاجيــة وأدائهم الدراسي”، وتضرب مثالا بأن مجرد تناول وجبة إفطار صحية بشكل يومي يرتبــط بتحسن التركيز والسلوك، إلى جانب فوائــد أخــرى.

ونحــن لا نتحدث عن الحصول على ميزة أعلى قليلا من أجل اختبار الإملاء هذا الأسبوع فحسب، حيث يقول فتوحي، الذي يعمل أيضا أستاذا مساعدا في علم الأعصاب بكلية الطب جامعة جونز هوبكنز: “رغم الإدراك الجيد لتأثير تناول الطعام على الدماغ على المدى القصير، فإن الكثيرين لا يعلمون أن التغذية لها أثر هائل على وظائف الدماغ على مر السنين والعقود، فما تأكله الآن – سواء من حيث كمية الطعام أو نوعيته – قد يؤثر تأثيرا كبيرا في الوظائف المعرفية لديك على المدى البعيد وخطر الإصابة بخرف الشيخوخة أو الزهــايمر فيما بعــد”.
ويضيف أن اتبــاع نظام غذائي سيئ يرتبط ارتباطا مباشرا بالأمراض المعروفة :القاتلة للدماغ” مثل النوبة القلبية والسكتة الدماغية، بالإضــافة إلى السمنة وداء السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول والالتهاب، وكلها أمراض قد يكون لها تأثير سلبي على وظائف الدماغ وأدائــه.
غـذاء البحـر المتوسـط
إذن ما هي الوجبة التي تساعد على إبقاء أذهان أفراد أسرتك حادة وذكية، سواء على المستوى الآني أو على المدى البعيد؟ يؤكــد فتوحي: “الدمــاغ هو عضو في غاية النشاط يحتاج إلى الكثير من الدم والأكسجين والعنــاصر الغذائيــة”.
وهو يبــدأ بالتوصية بنظــام غذائي على الطريقة المتوسطية يتضمن وفرة من فيتامينات “بي”، إلى جانب فيتامينات “سي” و”إي” المضــادة للأكسدة، وفيتامين “دي” – في مزيج تقول الأبحاث إنه قد يساعد على حماية الدمــــاغ.
كمــا يؤكد أيضا على أهمية الحفاظ على الوزن عند مستوى جيد فيقول: “السمنة قد تضر بالدماغ بطرق كثيرة ومختلفة، مثل تقليل تدفق الدم وزيادة خطر الإصابة بانقطاع النفس أثناء النــوم.. كما ترتبط أيضا بصغر حجم الدماغ”، مما قد يؤثر على الذاكرة قصيرة الأجل وخطر الإصابة بخــرف الشيخــوخــة.
ويتــابع فتوحي مؤكدا على ضرورة تجنب الدهون المتحولة (trans fats) بأي ثمــن، لأنها ترتبط أيضا بصغر حجم الدماغ وضعف عمله.
أغـذيـة المـخ
وقد أجمع الخبــراء الثلاثة الذين تحدثت إليهم على أن حمض “دوكوساهيكسانويك” (docosahexaenoic acid) أو “دي إتش إيه” DHA اختصارا – وهو عبارة عن حمض دهني من نوع “أوميغا 3″ يوجد في أسماك السلمون والماكريل والسلمون المرقط والسردين وغيرها من الأسماك وله أهمية في إصلاح وصيانة خلايا الدماغ – هو أهم مكون غذائي بالنسبة لصحة الدماغ.

وقد أظهرت بعض الدراســات أن استعمال حمض “دي إتش إيه” كمكمل غذائي قد يحسن من الذاكرة وقدرة التعلم والأداء المعرفي لدى الأطفال، في حين أن انخفاض نسبته يرتبط بصغر حجم الدماغ وزيادة خطر الإصابة بالزهــايمر واحتمال ظهــور مشكلات سلوكية لدى الأطفـال والبــالغين (ويستطيع النباتيون ومن يكرهون السمــك أيضا أن يتناولوا مكملات غذائية تحتوي على حمض “دي إتش إيه” المــأخوذ من الطحــالب).
ويوضــح فتوحي أن التوت البري والسبانخ يرتبطان أيضا بفوائــد خاصة بالدماغ، مثل تعزيز الوظــــائــف المعرفية والحركية، ويضيف أنه تتكشف المزيد من الأدلة على أن الشيء نفسه ينطبق على حبــوب الكينــوا.
ويشير فتوحي إلى أنه على الرغم من عدم وجود ما يؤكد أن هذه الأغذية تفيد الدمـــاغ لدى الأطفــال، “فإنها لن تضرهم بالتأكيد”، مضيفا أن هناك أدلة أقل على فائدة أغذية الدمــاغ الأخرى المزعومة، مثل الشـــاي الأخضر وزيت جوز الهنــد ونبات الجنكة ذي الفصين (ginkgo biloba).
ادعـاءات ومـزاعـم
ويحــذر خبــراء آخرون الناس من الوقوع فريسة للادعاءات التي تحيط بأحد الأنواع الشائعة من الفواكه أو الحبــوب على حساب نوع آخر، فيقول أستاذ الغدد الصماء توماس شيرمان من كليــة الطب “جامعة جورج تــــاون”: “من الممكــن أن تتعرض لغسل دمــاغ يجعلك تقتنع بأنك إذا تناولت الكثير من التوت البري، فإنك ستصبح تلقائيا أذكى وتسجل درجات أعلى في اختبارات الذكــاء، وهــذا غير صحيح تماما، فالكثير من (أغذية الدمــاغ) هذه تعد مفيــدة لصحتك بشكل عــــام، فهي تحتوي على سلسلة من الفيتامينات والعناصر الغذائية التي لا يحصل معظم الناس على ما يكفي منهــا، وهــذه الأغذية مجتمعة تشكل وجبة مقبولة جدا، لكن ذلك لا يعني أن تعــود إلى المنــزل وتأكل رطلا من التوت البري أو توت القوجي”.

والنقطــة الأهــم هي أن المزايا المحتملة لاتباع نظام غذائي أفضل تتجاوز بوضوح العام الدراسي، حيث يقــول فتــوحي: “من الأشياء المثيرة للاهتمام إلى حد كبير بشأن الدماغ طواعيته وقدرته على النمو في أي سن”، ويختم قائلا إن معظم الأغذية المفيدة للذهن تفيد أيضا صحة القلب والأوعية الدموية والبشرة، موضحـا: “لقد أظهرت الأبحاث أنك إذا غيرت النظام الغذائي المتبع في دور المسنين، فإن نوعية الحياة والأداء المعرفي يتغيران. يمكنك دوما تحسين وظائف الدماغ مهما كان عمـرك”.