هل للحب أشكال وأنواع؟

هل للحب أشكال وأنواع؟

السبت، 7 مايو 2011 
الدكتورة هبة عيسوى أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس الدكتورة هبة عيسوى أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس


 
تقول فتاة: ما أشكال الحب وأنواعه؟

تجيب عن السؤال الدكتورة هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى، بجامعة عين شمس قائلة: الحب كعاطفة لها أكثر من وجه فهو كغرفة المرايا السحرية التى يرى الإنسان نفسه فيها وهو يضحك مرة ويبكى مرة أخرى.

لكن كيف يصل الإنسان إلى تمييز مشاعره فعلاً؟
لا أحد يستطيع أن يضع قائمة محددة لأنواع الحب المختلفة، فهناك الحب الخيالى والحب الجنسى، والرومانسى، وهناك (الشذوذ) الذى يطلق على نفسه اسم الحب أيضاً، وكل ذلك يأخذ اسماً متعارفاً عليه هو "الحب".

كيف نحب ؟
إن رحلة الحب فى حياة الإنسان تبدأ منذ الطفولة، حيث يرتبط الطفل بأمه بعمق ويعتمد عليها فى كل احتياجاته، ويصاب بالقلق إذا غابت عنه، ويبتهج عندما تعود، إنه حب اعتمادى إلى أبعد الحدود.

وما أن يصل الطفل إلى الثالثة حتى يبدأ فى حب من نوع جديد، حب الصحبة لبعض الأطفال فى مثل عمره، ويتجه الطفل بمشاعره نحو أبيه ليبدأ الإعجاب العميق به، ويتطور هذا الإعجاب إلى حد شديد التوهج نحو الأم إذا كان الطفل ذكراً، أو ناحية الأب إذا كان الطفل أنثى.
ويكبر الطفل ليصل إلى السادسة فيبدأ فى حب مجموعة أصدقاء له من نفس عمره، لأنه يجد فيهم المرح والتسلية، وقد يجمع شلة الأصدقاء هواية مشتركة، ويزيد على كل ذلك أن كلاً منهم يقبل الآخر ويحبه.

ومن بعد ذلك يصل الطفل إلى بدء المراهقة بالبلوغ، خلال مرحلة المراهقة يطل الحب الشهوانى وفى نفس الوقت يطل حب آخر هو الحب الخيالى الرومانسى، ثم يمتزجان فى عاطفة واحدة رغم اختلاف كل منهما.

فالحب الشهوانى خشن وجسدى، والحب الرومانسى كريم وحنون ومثالى ومن الاثنين يأتى إلينا هذا المزيج المدهش الذى نبنى به الحياة الأسرية.

وهناك إحساس كل منا يحب نفسه، وكل منا يفكر فى نفسه بدرجة أو بأخرى، وكل منا يرغب فى أن ينال إعجاب الآخرين وتقديرهم، وكل منا يتحدث عن نفسه وإنجازاته كلما سنحت له الفرصة، أو استطاع أن يعثر على مستمع جيد.

وقليل منا هو القادر على أن يخفى حبه لنفسه خلف ستار من خدمة الآخرين فيحبونه ويغدقون عليه الاحترام، ونحن نميز بإحساسنا كل يوم بين هؤلاء القادرين على منح الحب لمن حولهم، وأولئك الذين يفضلون الاستمتاع فقط بحب الآخرين دون منحهم أى حب.

وفى رحلة بناء كل منا لحياته نفاجأ فى فترة من الفترات بفقدان القدرة على تمييز مشاعرنا، وإذا فتش كل منا فى ذكرياته فسيجد صوراً متعددة لما أقول.

كيف نختار من نحب؟
فى بعض العائلات نجد الابن ينظر لوالديه نظرة الامتعاض وعدم الارتياح، إنه لم يكن يتمنى أن يكون والده هذا الإنسان أو أن تكون والدته هذه الإنسانة، إن والديه غير مناسبين له فى نظره، ولذلك نجد الفتى يتجه إلى الفتيات غير المناسبات، إن الفتاة التى تثير إعجاب مثل هذا الشاب هى من النوع الذى يغضب أهله.

ويحدث مثل ذلك أيضاً لدى بعض الفتيات، فقد تختار الفتاة لصداقتها شاباً لا يمكن أن يرضى عنه أهلها، وفى غالبية الأحيان يتغير هذا الوضع وتسقط المشاعر فى بئر بعيدة وفى قاع الذكريات وتنتهى هذه القصص، لكن فى أحيان أخرى، ولسوء حظ بعض الشباب والبنات، فإن الواحد منهم- أو الواحدة منهن- يستمر فى مثل هذه العلاقة.

وهناك ملاحظة يجب أن نلفت النظر إليها، وهى أن حب الجنس أكثر إلحاحاً عند الرجل، أما المرأة فإن الجانب الروحى عندها يرتفع بدرجات عن الجانب الجنسى، لذلك قد تصدم الفتاة التى نشأت وسط رعاية أسرية طيبة من سلوك الرجل القاسى أو الخشن عند الزفاف.

وأحب أن أهمس فى أذن الشاب بالكلمات التالية: إذا ما أتيحت لك الفرصة للتعرف على فتاة، لا تقتحم عالمها بخشونة، بل حاول أن يجمع بينكما حديث ودود وطيب لأن الهجوم بخشونة يدل على عدم ثقتك بنفسك ويؤكد لمن أمامك أنك قاس ولا تفكر إلا بأنانية.

ولابد لنا من أن نتناول ما تفعله القسوة فى الطفولة المبكرة بالشاب أو الفتاة، إن القسوة فى طفولة الولد تذكره دائماً أن والدته لم تكن تحبه وأن والده كان يراه إنساناً غير مرغوب فيه، وما أن يصل إلى البلوغ حتى يبدأ فى رحلات البحث عن عاطفة يحقق لها لنفسه درجة ما من الاطمئنان.

ويكون مثل هذا الشاب متدفقاً عاطفياً إلى الدرجة التى يمكن أن تصدقه أى فتاة. وما أن تقع فتاة فى حبه حتى يبدأ على الفور فى هجرها، إن حبها بالنسبة له عديم الفائدة وبلا قلب، وسرعان ما يتجه إلى فتارة أخرى وهكذا.

والفتاة أيضاً إذا ما مرت فى طفولتها بمثل هذه القسوة التى شرحتها من قبل يمكن أن لا تهتم بمن يقع فى غرامها، ولكن تهتم فقط بمن لم يقع.

قد يتساءل أحدنا عن الغيرة فى الحب؟
فأقول إن بعض الناس يفضلون الإحساس بأنهم يملكون مَن يحبون، أو بأن مَن يحبهم يملكهم. وبعض الناس يناضلون ليصبحوا أحراراً، ويكرهون هذه الغيرة لأنها قيد.

وأما الذين يفضلون الإحساس بأن هناك مَن يمتلكهم فهم يتجهون دون قصد إلى إثارة غيرة مَن يحبهم، وهذا جزء من إحساسهم بالسعادة فى الحب.

والغيور إنسان جاء إلى العالم من أب أنانى أو أم أنانية، وتعلم دون وعى أن يرى والده فى حالة ثورة من أى شىء يمس ممتلكاته. ويمارس الشاب مثل هذه الغيرة عندما يصل إلى الحب، وغالباً ما يتزوج مثل هذا الإنسان من فتاة قادرة على إثارة غيرته، وهكذا تظل عجلة الغيرة الاستفزازية مستمرة فى هذا العالم.