د.جمال شعبان يكتب :حالات ضغط الدم المنخفض


د.جمال شعبان يكتب :حالات ضغط الدم المنخفض

الخميس، 20 يناير 2011
د.جمال شعبان استشارى أمراض القلبد.جمال شعبان استشارى أمراض القلب

بداية نود أن نقول إنه لا يوجد تعريف رقمى محدد لضغط الدم المنخفض، وفى أغلب الحالات يظهر انخفاض ضغط الدم كحالة طارئة، ونادراً ما يمثل مشكلة مرضية مزمنة، ولا تستطيع أجهزة الجسم المختلفة أن تتحمل انخفاض الضغط بمعدلات كبيرة لمدة طويلة، لأن هذا معناه أن كمية الدم التى تصل لأعضاء الجسم المختلفة لن تكفى لتغذيتها، مما سيؤدى إلى فشل فى وظائف الأعضاء الحيوية مثل المخ والقلب والكليتين، وإذا لم يتم علاج السبب المرضى المؤدى لانخفاض ضغط الدم، فقد تتدهور حالة المريض إلى الوفاة.

ونظراً لأهمية ضغط الدم، فقد زود الله عز وجل الجسم بالعديد من الأجهزة المختصة بمراقبة مستوى الضغط بصورة دائمة، وهى تنقل معلوماتها إلى أجهزة أخرى حتى إذا ما حدث اضطراب فى مستوى الضغط صعوداً أو هبوطاً، نشطت الأجهزة المختصة بحفظ السوائل والملح فى الجسم، أو المسئولة عن التحكم فى انقباض الأوعية الدموية، مما يؤدى فى النهاية إلى العودة بالضغط إلى معدلاته الطبيعية.

حالات انخفاض ضغط الدم الحادة:
يحدث الانخفاض الحاد والمفاجئ فى ضغط الدم إما لنقص فى كمية الدم والسوائل بالجسم، أو نتيجة لاتساع الأوعية الدموية بدرجة كبيرة، مما يؤدى إلى تراكم الدم بها، وبالتالى انخفاض الوارد منه للقلب، أو بسبب هبوط حاد مفاجئ للقلب:

1- نقص كمية الدم والسوائل بالجسم:
يحدث فقدان الدم من الجسم عن طريق النزيف الخارجى، أو النزيف الداخلى مثل قرحة المعدة والأمعاء، أو عند إصابة أحد الشرايين الرئيسية نتيجة التعرض لحادثة مثل حوادث الطريق، أو أثناء إجراء جراحة بالصدر أو البطن أو الحوض، أما فقدان السوائل بكمية كبيرة فيصاحب الحروق غير المحدودة، وحالات القىء والإسهال الشديدة، كما فى مرض الكوليرا مثلاً، أو نتيجة خروج البول بكميات كبيرة أو إفراز العرق بغزارة.

ويؤدى فقدان الدم والسوائل إلى انخفاض كمية الدم الواردة إلى القلب والصادرة منه، وفى الحالات البسيطة يتمكن الجسم من التغلب على نقص الدم الوارد للقلب والاحتفاظ بالضغط قريباً من معدلاته الطبيعية، وذلك عن طريق تنشيط الجهاز العصبى السمبثاوى الضابط وزيادة إفراز هرمونات الغدة فوق الكلية وجهاز الرينين – أنجيوتنسين، مما يؤدى إلى انقباض الأوعية الدموية والإقلال من إدرار البول، وفى هذه الحالات البسيطة تزداد سرعة النبض، خاصة والمريض فى وضع الوقوف، وقد يعتريه بعض الشحوب مع برودة فى الأطراف أما فى الحالات الشديدة لفقدان الدم والسوائل، فإن أجهزة الجسم تعجز عن الاحتفاظ بضغط الدم فى حدوده الطبيعية حيث ينخفض بمعدلات كبيرة حسب شدة الحالة، ويؤدى هبوط الضغط إلى انخفاض كمية الدم التى تغذى الأعضاء الحيوية بالجسم كالمخ والقلب والكليتين، ومن ثم يحدث قصور فى الأداء الوظيفى لهذه الأعضاء، إذ يبدأ مستوى الوعى فى التدهور، ويختل انتظام ضربات القلب، ويحدث فشل كلوى حاد، وإذا لم يتم تعويض الجسم عن كمية الدم والسوائل المفقودة، تتعرض حياة المريض للخطر .

2- الاتساع الحاد للأوعية الدموية:
تتسع الأوعية الدموية بدرجة كبيرة ومفاجئة نتيجة لما يعرف بالصدمة العصبية، حيث تفقد الأوعية الدموية والشرايين الصغيرة المختصة بالمقاومة الطرفية قدرتها على الانقباض، مما يؤدى إلى انخفاض الضغط بمعدلات كبيرة، وتتمثل أهم أسباب الصدمة العصبية فى التسمم الميكروبى الدموى الشديد ، أو الألم الشديد ، أو حدوث خلل بالغدد الصماء، وقد يحدث اتساع الأوعية الدموية أيضاً نتيجة تناول العقاقير الخافضة للضغط التى تؤثر مباشرة على درجة انقباض الشرايين الصغيرة بالجسم، وكذلك فى حالات الحساسية الشديدة لأحد العقاقير كالبنسلين مثلاً، ومع اتساع الأوعية الدموية تبدأ السوائل داخل الأوعية الدموية فى التسرب إلى الأنسجة المجاورة، فتقل كمية الدم مما يعجل بحدوث انخفاض ضغط الدم.

3- الهبوط الحاد المفاجئ للقلب:
فى بعض الحالات قد تتعرض قدرة القلب على ضخ الدم للتدهور، فينخفض حجم الدم الصادر منه ومن ثم ينخفض الضغط، وتشمل هذه الحالات: حدوث فشل مفاجئ بعضلة القلب، أو انسداد الشريان الرئوى الرئيسى، أو ظهور ارتشاح كبير ومفاجئ بالغشاء الخارجى للقلب (التامور)، ومن الأسباب الرئيسية لفشل عضلة القلب المفاجئ حدوث انسداد بأحد الشرايين المغذية للعضلة ، والمعروفة باسم الشرايين التاجية، وذلك نتيجة وجود جلطة دموية حادة داخل الشريان تسبب تدمير جزء كبير من عضلة القلب، وتؤثر هذه الإصابة بعضلة القلب فى قدرتها على الانقباض، وتقل بالتالى كمية الدم التى يضخها القلب، وقد تؤدى إصابة عضلة القلب بالتهاب شديد وحاد إلى تعرضها أيضاً للفشل المفاجئ.