بر اباه فماذا وجد


من كتاب ( لا تيأس ) - بتصرف

بصراحة قصة أكثــر من رائعة ..

يقول أحد الدعاة : كان هناك رجل عليه دَيْن , وفي يوم من الأيام جاءه صاحب الدَيْن وطرق عليه الباب ففتح له أحد الأبناء فاندفع الرجل بدون سلام ولا احترام وأمسك بتلابيب صاحب الدار وقال له : اتق الله وسدد ما عليك من الديون فقد صبرت عليك أكثر من اللازم ونفذ صبري ماذا تراني فاعل بك يا رجل ؟

وهنا تدخل الابن ودمعة في عينيه وهو يرى والده في هذا الموقف وقال للرجل: كم على والدي من الديون ؟

فقال : أكثر من تسعين ألف ريال.
فقال الابن :اترك والدي واسترح وأبشر بالخير، ودخل الشاب إلى غرفته ، حيث كان قد جمع مبلغاً من المال وقدره سبعة وعشرون إلف ريال من راتبه ليوم زواجه الذي ينتظره ولكنه اثر أن يفك به ضائقة والده ودَينه على أن يبقيه في دولاب ملابسه..

دخل إلى المجلس وقال للرجل: هذه دفعة من دين الوالد قدرها سبعة وعشرون ألف ريال وسوف يأتي الخير ونسدد لك الباقي في القريب العاجل إن شاء الله .

هنا بكى الأب وطلب من الرجل أن يعيد المبلغ إلى ابنه فهو محتاج ، فأصرّ الشاب على أن يأخذ الرجل المبلغ له ولا ذنب له في ذلك ، وودعه عند الباب طالباً منه عدم التعرض لوالده وأن يطالبه هو شخصياً ببقية المبلغ .
ثم تقدم الشاب إلى والده وقبل جبينه وقال: يا والدي قدرك أكبر من ذلك المبلغ وكل شيء يعوض إذا أمد الله عمرنا ومتعنا بالصحة والعافية فأنا لم استطع أن أتحمل ذلك الموقف, ولو كنت أملك كل ما عليك من دين لدفعته له ، ولا أرى دمعة تسقط من عينيك على لحيتك الطاهرة.

وفي اليوم التالي وبينما كان الابن منهمكاً في أداء عمله الوظيفي زاره أحد الأصدقاء الذين لم يرهم منذ مدة وبعد سلام وسؤال عن الحال والأحوال قال له ذلك الصديق : يا أخي أمس كنت مع أحد كبار رجال الأعمال وطلب مني أن أبحث له عن رجل مخلص وأمين وذو أخلاق عالية ولديه طموح وقدرة على إدارة العمل وأنا لم أجد شخصاً أعرفه تنطبق عليه هذه الصفات إلا أنت فما رأيك أن نذهب سوياً لتقابله هذا المساء.

فتهلل وجه الابن بالبشرى وقال: لعلها دعوة والدي وقد أجابها الله فحمد الله كثيراً ، وفي المساء كان الموعد فما أن شاهد رجل الأعمال حتى شعر بارتياح شديد تجاهه وقال: هذا الرجل الذي أبحث عنه وسأله كم راتبك؟ فقال: ما يقارب الخمسة آلاف ريال. فقال له: اذهب غداً وقدم استقالتك.
وراتبك خمسة عشر ألف ريال.
وعمولة من الأرباح 10%
وراتبين بدل سكن وسيارة
وراتب ستة أشهر تصرف لك لتحسين أوضاعك.

وما أن سمع الشاب ذلك حتى بكى وهو يقول ابشر بالخير يا والدي. فسأله رجل الأعمال عن سبب بكائه فحدثه بما حصل له قبل يومين، فأمر رجل الأعمال فوراً بتسديد ديون والده، وكانت محصلة أرباحه من العام الأول لا تقل عن نصف مليون ريال.


وقفـــــــة :ـ

بر الوالدين من أعظم الطاعات وأجل القربات وببرهما تتنزل الرحمات وتنكشف الكربات, فقد قرن الله برهما بالتوحيد فقال تعالى: { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً }.

وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها . قلت : ثم أي ؟ قال : ثم بر الوالدين ، قلت : ثم أي ؟ قال : ثم الجهاد في سبيل الله .

وعن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر، أمداد اليمن من مراد ثم من قرن ، مع درهم ، له والده هو بارًٌ بها ، لو أقسم على الله لأبرّه ، كان به أثر برص فبرأ منه إلا موضع فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ) صحيح مسلم

وهذا حيوة بن شريح وهو أحد أئمة المسلمين والعلماء المشهورين يقعد في حلقته يعلم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم يا حيوة فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم .

واعلمي أختي الحبيبة أن من أبواب الجنة الثمانية ( باب الوالد ) فلا يفوتك هذا الباب ..!!!

واجتهدي في طاعة والديك فو الله برك بهما من أعظم أسباب سعادتك في الدنيا والآخرة .


أسال الله جل وعلا أن يوفقني وجميع المسلمين لبر الوالدين والإحسان إليهما ..