الدكتور محمد الحديدى يكتب: الصراصير والفراولة وأبو زمبة تأكل المخ


الدكتور محمد الحديدى يكتب: الصراصير والفراولة وأبو زمبة تأكل المخ


صورة أرشيفية

الصراصير )الباركينول) وهى عبارة عن أقراص تستخدم أساسا لعلاج الشلل الرعاش، ولكن فى الجرعات العالية تؤدى إلى هلاوس بصرية أى أن المدمن يرى أشياء صغيرة الحجم تمشى على الحائط مثل الصراصير طبعا مع اختلال بالوعى.

أما أبو صليبه (راهيبنول أو ريفوتريل) وكلاهما من الأدوية المهدئة والمنومات وعلاج الصرع التى تذهب العقل وتؤدى إلى الوهم بالسعادة المؤقت نتيجة لهروبه من مواجهة الواقع والظروف ومع الاستخدام لفترة طويلة يحدث التعود عليها.

وهناك اسم آخر للريفوتريل (أبو زمبة) وذلك لوجد نقطتين بجوار الرقم 2 المكتوب على قرص الريفوتريل، أم الفراولة (الكبتاجون أو الامفيتامينات) ولأنها ملونة باللون الأحمر وطعمها مثل الفراولة تم إطلاق هذا الاسم عليها، وهذا النوع من المخدرات صنع خصيصا لاستهداف الجنس الناعم ومروجى الفراولة يقومون بترويج إشاعات بأن تناول هذا النوع يعد من مراسم الاحتفال بعيد الحب "الفلانتاين" وأنه منشط لمشاعر الحب وينتشر بين أوساط طلاب المدارس وخاصة الطالبات من قبل المروجين، مستغلين ظروف الطلاب واعتقادهم بكل ما يساعدهم فى مذاكرة واستيعاب أكبر قدر من الدروس.

وهناك نوع آخر من الفراولة (التى دول، كونترمال) وهما من الأدوية المسكنة مثل الترامادول وكلها من مشتقات الموروفين مثل الهيروين ولكن أقل تأثيرا وتستخدم أساسا لتسكين الألم مما قد يشعر مستخدميها بالنشاط وذلك لعدم الشعور بالإجهاد.

وهناك أسماء أخرى للترامادول مثل التشكلس (نوع لبان مشهور) لأنه أقراصه مستطيله ومقسومة اثنين بخط العرض شكل أقراص اللبان. البيسا (هيروين غير نقى مخلوط بكمية حبوب هلوسة) ويستخدم بالتدخين أو بالحقن.

للأسف هناك العديد والعديد من الأنواع الأخرى المنتشرة بين أيدى الشباب والنتيجة هى الدمار, الانهيار والإدمان. يستخدم مصطلح "الإدمان" فى العديد من السياقات ليصف الاعتياد النفسى اللاإرادى أو المفرط، مثل الاعتياد على المخدرات (مثل الكحول)، وألعاب الفيديو، والجريمة، والمال، والعمل، والإفراط فى تناول الطعام، والقمار، والحاسوب، والنيكوتين، والمواد الإباحية، وغير ذلك.

يعرّف الإدمان فى المصطلحات الطبية: "بأنه اضطراب عصبى بيولوجى مزمن يؤثر على كلاً من الناحية الجينية والنفسية والاجتماعية، والبيئية، وهو إما استخدام مادة ما باستمرار على الرغم من آثارها السلبية، وعدم القدرة على الامتناع عن تناولها (سلوك لا أردى)، أو استخدام المخدرات لأغراض غير علاجية (أى الحنين للمخدرات). غالبا ما يصاحب الإدمان سلوكيات منحرفة (مثل سرقة الأموال وتغيير الوصفات الطبية) من أجل الحصول على المخدرات".

الإدمان طبيا يستلزم وجود التحمل والاعتماد الجسدى والأعراض الانسحابية، والتحمل مفهوم طبى وهو الحاجة لزيادة جرعة الدواء باستمرار من أجل الحفاظ على الآثار المرجوة.على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعانون من ألألم الشديدة المزمنة ويتناولون أدوية تحتوى على الأفيون (مثل المورفين والترمادول) يحتاجون إلى زيادة الجرعة باستمرار من أجل الحفاظ على التأثير المهدئ للألم. كذلك الاعتماد الجسدى على الدواء، فإن الدواء له خصائص طبية إذا ما توقف العقار فجأة، فلابد أن يشعر الفرد بأعراض الانسحاب.

وبالرغم من أن علاج معظم أنواع المخدرات متوافر ويمكن تحقيقه بسهولة إلا إن هناك العديد من الأسباب التى تؤدى إلى الانتكاثة والتى تكون غالبا أصعب من الأول، وترجع أسباب فشل العلاج إلى عدم علاج الأسباب التى أفرزت المدمن ، وهى الفراغ والمال الذائد بدون رقابة والتفكك السرى وبعد الأهل عن الأولاد ووجود بعض الاضطرابات النفسية دون علاج وتدنى تقدير الذات والقلق والعداء اللفظى والقلق من المواجهة مثل الخوف من الحشود والناس وضعف التفاعل الاجتماعى وجمود العلاقات المتبادلة، لذا فإن علاج الإدمان المعتمد فقط على عزل المريض وسحب مواد التخدير من جسمه والاكتفاء بإعطائه مسكنات ومهدئات بديله دون استكمال العلاج ببرنامج للتأهيل النفسى المدروس وفقا لحالة وظروف كل مدمن ليساعده على الضبط الذاتى والبعد عن أسباب الإدمان والتوافق مع المجتمع ومواجهة ضغوطه وإغراءاته.. واكتساب الثقة بالنفس والقدرة على تحمل الظروف الصعبة.

كما أن الشخص المدمن يحتاج إلى المعاملة بحرص شديد وليس بالترهيب، وقد يستجيب مع من يتفهمه ويعامله باحترام ويقف بجواره بحب ويزرع معه معانى جديدة للحياة والعودة للعمل وممارسة الأنشطة والهوايات والتعبير عن آرائه بدلا من الثقافات المثيرة السطحية التى تحض على الإدمان وممارسة الغرائز.

وأخيرا بالحب والأمل والإيمان وبتكاتف الجميع نستطيع أن نقضى على الصراصير والفراولة والبيسة ونضمن مستقبل أفضل لأبنائنا وبلادنا.