مشيرة خطاب تضع الحكومة فى مواجهة عاصفة مع المجتمع بقانون يمنع إنجاب الطفل الثالث

مشيرة خطاب تضع الحكومة فى مواجهة عاصفة مع المجتمع بقانون يمنع إنجاب الطفل الثالث


مشيرة خطاب مشيرة خطاب
 
يبدو أن الفشل المتكرر لبرامج تنظيم الأسرة الاختيارية سوف يدفع الحكومة إلى الاتجاه لسن قوانين تلزم المصريين بعدم تجاوز الطفلين مثلما حادث فى الدول الأخرى كالصين وإيران وإندونيسيا، فقد أعلنت الدكتورة مشيرة خطاب وزيرة الدولة والسكان أنه حان الوقت لوضع إجراءات صارمة للحد من الزيادة السكانية، نظرا لتداعياتها الخطيرة والمتفاقمة، هذا بالرغم من أن مشيرة أكدت فى السابق أن طبيعة المجتمع المصرى تجعله لا يتقبل وجود قوانين للحد من عدد الأطفال، مثل التى تطبق فى عدد من الدول الأخرى كإيران وإندونيسيا والصين، لكنها صرحت مؤخرا، وطالبت وزيرة الأسرة والسكان بإجراءات صارمة فى سن قانون لمنع إنجاب أكثر من طفلين فقط، بمنح الدعم لأول طفلين فقط فى الأسرة، فى حين تمتنع تماما عن دعم الأطفال بدءا من الثالث، وفى جميع الأحوال ستثير تلك التشريعات فور الإعلان عنها عاصفة كبيرة من الرفض والجدل.

ويكشف هذا التصريح عن عدم نجاح وزارة «الأسرة والسكان» حتى الآن، فى تحقيق أحد أهم الأهداف الرئيسية التى أنشئت من أجلها منذ ما يقرب من عام ونصف، فمن بين كل القضايا التى تتبناها الوزارة تعد قضية السكان هى الأكثر حضورا فى جميع برامجها، ودائما ما تؤكد خطاب فى جميع لقاءاتها أن الزيادة السكانية هى السبب الرئيسى فى جميع المشكلات الاجتماعية التى يعانى منها المجتمع المصرى، بالإضافة إلى الخطورة التى تشكلها فى المستقبل بسبب محدودية الموارد فى الوقت الذى تقبل فيه مصر على أزمة فيما يتعلق بنقص مياه النيل.


وأثارت هذه التصريحات الانقسام بين علماء المسلمين فيما أيد البعض مشيرة خطاب، رفض البعض الآخر هذه التصريحات واعتبروها مخالفة للدين ومعطلة للتنمية.


من جانبه أعلن الشيخ يوسف البدرى رفضه تصريحات وزيرة الأسرة والسكان، مشيرا إلى أنه فى الوقت الذى تطالب فيه النخبة بمصر بتحديد النسل، يتجه عدد كبير من دول العالم المتقدم إلى حث شعوبها على زيادة النسل حفاظا على التوازن السكانى ويقدمون حوافز لمن ينجب أكثر من طفلين أو ثلاثة سواء فى أوروبا أو أمريكا أو أستراليا.


ودعا البدرى إلى الاهتمام بالأيدى العاملة وتسليحها وتدريبها، قائلا: لدينا أراض كثيرة تحتاج لأيد عاملة مدربة يمكنها أن تستزرع الأراضى الشاسعة فى مصر والسودان التى تصلح للزراعة بالقدر الذى يجعلها «سلة خبز العالم»، وطالب بتصدير الخبرات المصرية والموارد البشرية فى المجالات كافة إلى العالم الثالث، بشكل يعتبر داعما للاقتصاد بدلا من هذه النظرة الضيقة التى ترى فى «الإنسان» عائقا. وقال البدرى إن التصريحات التى ترى أن «زيادة السكان» معطلة للتنمية، واهية، لأنها لا تشكل نهائيا أى عبء على الميزانية معتبرا أن الذى يشكل عبئا على الميزانية هو إنفاق المال فى مصر فى مجالات لا تعود بالنفع على الأمة، يمكن أن نستزرع 100 مليون فدان بمياه النيل والمياه الجوفية، بل يؤكد أنه فى حال اتخاذ الحكومة أى إجراء فى ذلك الاتجاه فإنه بمثابة إهدار للثروة البشرية والموارد وقتل للشعب المصرى نفسه وإنكار لدوره الحضارى. أما على الجانب الدينى فيذهب البدرى إلى أن «النخبة» تحصر نفسها فى الجوانب المادية وتنكر الجانب الإيمانى وأثره فى الحياة، حيث يقول: رغم أن الله عز وجل يقول «وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها»، ولم يقل رزقها على وزارة الأسرة والسكان، بل إن الله يأمرنا بالتقوى والاستغفار ومعهما يتحول ضيق العيش إلى سعة، ويقول للأغنياء «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم»، وللفقراء يقول «ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم»، داعيا أصحاب هذه الدعوات إلى التراجع عن دعواهم مضيفا: ما أظن أن النخبة تتولى نيابة عن الله تدبير الأقوات للناس.


ويوافق الدكتور عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر على ما يراه البدرى قائلا «كلمة تحديد معناها منع، والمنع قتل، والقتل حرام والذى ينادى به الإسلام هو التنظيم، حيث يقول الله تعالى «والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة»، خاصة أن الإسلام فى جميع كلياته وجزئياته تنظيم ونظام، حيث نظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وونظم أوقات الصلاة، ووقت الحج، وغيرها من الأمور».


ويشدد على أن تحديد النسل حرام قطعا محتجا بـ«أن الذى شق الفم وخلق المعدة لو لم يكن قادرا على إطعامهما لفتح لهما المقبرة، وأن الله يقول «لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق»، والأرزاق لدى الله وحده وهو الذى ضمن لكل دابة رزقها حين قال «وما من دابة على الأرض إلا على الله رزقها».


ويعتبر الأطرش الدعوة لتحديد النسل بطفل أو طفلين «دعوة استعمارية بحتة»، حيث يقول «نعلم جميعا أن وحيد أبويه لا يجند، وهذا يعنى أنه سيأتى يوم لن يكون لبلادنا مصر من يزود ويدافع عنها ضد عدوها الغاشم، أما الدكتور عبدالمعطى بيومى، فيخالف الآراء السابقة ويؤيد وزيرة الدولة والسكان ويقول «نحن نؤيد مشيرة خطاب، ولكن ربما يكون اختلافنا حول طبيعة الإجراءات التى تتخذها، مشيرا إلى أن زيادة السكان باتت تمثل مشكلة خاصة مع ضعف مشاريع التنمية، وضعف القدرة على تمويل هذه المشاريع وإيجاد فرص العمل».


وحول الدعاوى التى تتردد كل فترة بإلزام المواطنين بتحديد طفلين فقط، يؤكد بيومى أنه يجوز تحديد النسل بطفلين شرط ألا يكون ذلك إجبارا من الدولة وإنما برضا تام من الزوج وزوجته، ويقول «إذا كانت خطة الوزيرة العمل على إقناع الوالدين بإنجاب الطفلين، فنحن معها بشرط ألا يتم إجبار أحد على تحديد العدد، بل يجوز أيضا أن يكتفى الوالدان بأى عدد حتى لو اكتفيا بمولود واحد فقط.